[center]
السيدة زينب
هى عقيلة بنى هاشم وضعتها أمها فاطمة رضى الله عنها رائعة الجمال .. لم يكن مثلها فى بنى هاشم من قبل ولا بعد ، فتزايدت السعادة وتضاعفت دموع الفرح بإبتسامات الجميع ، لقد ولدت فاطمة بنتا تشبه جدَّها صلى الله عليه وسلم ، وتشبه أخاها الحسين رضى الله عنه .. هذه الفرحة ظهرت على وجه علىٍّ كرم الله وجهه وانتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُؤِىَ مسرورا ًفرحا ًوسريعا ينطق عليه الصلاة والسلام بالإسم الذى سينادى به الوليدة الجميلة ، وهو الذى لايقول إلا صدقا ، ولاينطق إلا حقا ، زينب إنها زينب الصغرى التى جمعت ملامح جدَّها وأمها ، وأبيها وأخيها فصارت درة التاج ، وعنوان الطهر ، ولقد صارت زينب الصغرى أنشودة يترنم بها آل البيت ، فكانت إبتسامتها تشع الرِّضا فى منزل على وفاطمة رضى الله عنهما ، وإن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليقول لولده عبد الله عن الحسن والحسين : ويحك عبدالله ائتنى بجد مثل جدهما ، وأب مثل أبيهما ، وأم مثل أمهما ، وجدة مثل جدتهما ، وخال مثل خالهما ، وعم مثل عمهما ، وعمة مثل عمتهما ؛ فالجد هو النبى الكريم ، والأب على كرم الله وجهه ، والأم فاظمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة ، والجدة خديجة رضى الله عنها ، والخال إبراهيم والقاسم عليهما السلام ، والخالة زينب أو رقية أو أم كلثوم ، والعم جعفر ، والعمة أم هانئ رضى الله عنها هذا هو نسبها الطاهر المبارك وحين بلغت زينب رضى الله عنها مبلغ النساءالذى يؤهلها للزواج ، لم يجد علىِّ رضى الله عنه خيرا من عبد الله إبن جعفر بن أبى طالب زوجا لها ، وكان فى أواخر عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وكان اليوم مشهودا فى دار على رضى الله عنه ، وكانت رضى الله عنها صوامة قوامة لم تفتُر عن عبادتها يوما ، بل لم يفتر لسانها عن ذكر ربها ، وعندما حدثت الفتنة كانت فى عون أخيها الحسين فقد تركت زوجها وأبناءها ومضت مع الحسين جنبا إلى جنب لاتخشى فى الله لومة لائم . وما أن حط الحسين ورجاله فى كربلاء ، وبعد خذلان أهل الكوفة له ، ورأى جيش عبد الله بن زياد – والى الكوفة - وعُدَّته أدرك الحسين رضى الله عنه أنه مقتول لامحالة .
نادى عمر بن سعد بن العاص فى جيشه فقامت زينب رضى الله عنها حين سمعت ضجة الجيش فخرجت فرأت الحُسَيْن جالسا أمام الخيمة نعِس ، فأيقظته فقال لها : إنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال لى : " إنك تروح إلينا " فقالت وهى تنتحب : ياويلتنا. فقال الحسين رضى الله عنه ليس الويل يا أُخيَّة، اسكنى أسكنك الرحمن . وقد نهاها الحسين ، وخرَّت مُغشيا عليها . ومن خيمة زينب انبعثت آهاتها تشق صمام الليل الحزين ، وارتفع صوتها تثكل الحسين رضى الله عنه ، فاختلطت صلاتها بنواحها واهتزت كربلاء جميعها ، وبكى الحصى ، وبلت الدموع الثرى ، وقفز إلى ذهنها وقلبها خاطر ، إن الحسين سيلاقى الله ورسوله راضيا مرضيا عنه ، فأقبلت رضى الله عنها على صلاتها تستغقر ربها ، وتطلب منه الثبات والعفو وخيم ليل داج لم ير الناس ظلمته قبلا على كربلاء التى كانت تنتظر دماء الصادقين . ودارت معركة بين سبعون ليثا هم آل بيت رسول الله وبنو عقيل وكان أول شهيد من أهل الحسين هو ولده الأكبر على الأكبر بن الحسين وقتل من قتل ولم يبق فى أرض القتال سوى الحسين رضى الله عنه وتجمعوا على الحسين وقتل رضى الله عنه ، لقد عميت الأبصار ، وطُمِسَ على القلوب ، ونسيت ما قدمه الآل الكرام الأطهار للمسلمين من تضحيات . وبقيت النساء من آل الحسين رضى الله عنه يبكينه وقد أُسربنوأمية زينب رضى الله عنها وكان لم يبق من ولد الحسين إلا على زين العابدين رضى الله عنه ، وكان صغيرا وحاولوا قتله ولكنها رضى الله عنها تتعلق بابن أخيها وقالت : أسألكم بالله إن قتلتموه لما قتلتمونى معه ، ولكن عناية الله تعالى ترعى آل البيت فحُمِلوا إلى المدينة وهكذا صار يوم الجمعة عاشوراء المحرم عام (61 هجرية ) يوما من الأيام القاتمة فى تاريخ المسلمين , ولم تكد العقيلة الطاهرة زينب رضى الله عنها تصل إلى المدينة حتى اسيقظت مشاعر الأسى والحزن فى النفوس ، ولما كان وجودها بالمدينة مُهَيِّج ٌللخواطر ، وأنها فصيحة عاقلة لبيبة ، فتم تفريق آل البيت فى البلاد ، واختارت رضى الله عنها المقام بمصر والتى حكمها مسلمة بن خالد الأنصارى ، فأول ما رآها قادمة عليه بكى وانتحب وقدم لها العزاء ، فبكت وأبكت الحاضرين ثم قالت : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون . وظلت رضى الله عنها بمصر أشهر قلائل حتى وافتها منيتها وهى الصوامة القوامة التى لم تفتر عن عبادتها يوما ، ومضت إلى ربها فى ليلة الأحد الرابع عشر من رجب عام إثنين وستين من الهجرة ، فدفنت حيث ماتت فى دار مسلمة بن مخلد ، فسلام الله على آل بيت رسول الله ، ورحمته وبركاته عليكم لآل البيت إنه حميد مجيد .